الملحفة: لباس المرأة الصحراوية




تشكل الملاحف معرضا فنيا متنقلا، يؤثت فضاء الأقاليم الجنوبية المغربية كزي تقليدي نسائي، يجمع بين جمالية الشكل وتناسق الألوان. ويجسد مظهرا من مظاهر التراث المغربي الأصيل الغني والمتنوع. وكما تعتبر الملاحيف الزي الرسمي والمفضل لدى المرأة الصحراوية، حيث تشكل جزء من هويتها وانتمائها إلى بيئة مغربية، تحمل في طياتها قيم المجتمع البدوي التقليدي المحافظ .والذي يفرض على المرأة أن تكون محتشمة احتراما لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف. و الميزة التي تميز هذا اللباس النسوي وحدة التفصيل بحيث أنه لا يحتاج إلى خياطة، وإنما فقط عقدتين من الأعلى لتأمين دائرتين يطلق عليهما "خلالين" يمكنان المرأة من إخراج رأسها ويدها وإحاطته بجزء من الثوب ولف جسمها بالباقي.
ولقد تميزت الملاحيف قديما بالتنوع، سواء من حيث طبيعة الثوب (الخنط)، أومن حيث التسميات المرتبطة بها. ومن بين أهم وأقدم الملاحيف لدى النساء الصحراويات، نذكر: ساغمبوا، صافانا، واخ النعامة، كاز. والتي تسمى أيضا بلمان الغنية بمادة النيلة، وهي الأكثر إستعمالا ثم النحيف... دوماس، دالاس، كوكا، لمبيرد، توبيت رش تيدكت، لمكيمش، السنتور، ثم أخيرا وليس آخرا ملاحيف النيلة. المصبغة بمادة النيلة، وهي مادة زرقاء داكنة أقرب إلى السواد، تستعمل لغايات كثيرة منها مقاومة أشعة الشمس الحارة. وحماية الجلد من بعض الإصابات الناتجة عن ذلك. فضلا عن كون استعمال هذه المادة "النيلة" والغسيل بعدها، يضفي على البشرة طابعا أنيقا وجماليا حيث تساهم في صفاء البشرة، ونعومتها والمحافظة على لونها، فهي بذلك تؤدي الدورين معا "الجمالي والنفعي. كما تجدر الإشارة إلى أن الملحفة قد مرت خصوصا في صباغتها بمراحل كثيرة، خصوصا على مستوى التقنية. أي تقنية الصر التي كانت الأكثر استعمالا وربما هذه التقنية كان لها ارتباطا وثيقا بتقنية تشكيلية هي تقنية الباتيك، وهي عملية تجميع وتجعيد وتشميع القماش ووضعه داخل الصباعة (بكيفية التغميس) بشكل عفوي، وبعد القيام بفتحها تظهر الألوان متشابكة ومتجانسة، بشكل عفوي ولكن للعفوية ايضا ما يبررها، وما يؤكد على أهميتها الجمالية والتقنية.
ما على مستوى الألوان المستعملة، فيمكن تقسيمها إلى نوعين، فهناك ألوانا خاصة بفئة الشابات، غالبا ما تكون زاهية وفاتحة أو إشراقية بكل درجاتها الضوئية، وهناك ألوان أخرى ترتبط بفئة المسنات غالبا بحيث يفضلن الألوان الداكنة والقاتمة. وفي ذلك إحاءات وذلالات كثيرة ومتعددة ومن هنا تبرز ملاحظة مهمة مفادها تمسك النساء المسنات باللون الاسود، وارتداء الشابات الصغيرات الألوان الفاتحةوالإشراقية.
ويعود السبب في هذه الامتيازات إلى الدلالة العميقة للون. لأنه يعتقد أن اللون من المنظور الذي نتحدث عنه يمثل رمزا يؤكد على انتماء طبقي معين، وهوية معينة. لدرجة يكون فيها من غير اللائق على المرأة المسنة أن ترتدي ملحفة مزركشة الألوان، بقدر ما ترتدي الأسود والرمادي والأبيض. ونظن أن هذا الميل إلى هذه الألوان القاتمة، يرتبط أساسا بالانتماء العمري، وكذلك بالانتماء الاجتماعي. ويمكن القول أيضا بأن ارتباطهم بهذه الألوان القاتمة، هو دلالة على أن الجيل القديم يفضل البساطة في العيش.
كما تجدر الإشارة إلى أن كل نوع من أنواع الملاحيف له طبقة اجتماعية، فمثلا نجد ملاحيف الشرك، والإنصاف النبيلة، ولكحال. وهي ملاحيف كثيرة الصباغة شديدة السواد، غالبا ما تكون عند سيدات القبيلة نظرا لندرتها وارتفاع ثمنها.
وهناك ملحفة النعامة، سميت بهذا الإسم لوجود رسومات النعامة بها، وهي شديدة السواد، يلتصق سوادها بالبشرة ويلبسها عموم النساء.
كما تجدر الإشارة إلى أن المرأة الصحراوية، كانت تفرض على بناتها ارتداء الملحفة، نظرا لزواجهن في سن مبكرة. حيث كان يتم تقسيم الملحفة إلى نصفين، والتي كانت يتراوح طولها ما بين 5 و 10 أمتار، ترتدي إحداهما الفتاة التي كانت تفرض عليها مزاولة بعض الأعمال اليومية كالرعي والسقي وجمع الحطب ومراقبة الخيمة. وكانت الفتيات تتأقلمن مع هذه الملاحيف
...



المصدر:
موقع مكتوب