أبواب المغرب العتيقة




لا تخلو مدن المغرب القديمة كفاس والرباط ومكناس ومراكش وتطوان والصويرة، من أسوار ممتدة تحيط بالاحياء العتيقة. وعلى امتداد هذه الاسوار تطل أبواب تتفاوت أحجامها واعدادها من سور الى آخر ومن مدينة الى اخرى، ولكن مدينة سبتة المحتلة وصل عدد الابواب في اسوارها الى اكثر من 50 بابا. وحاليا لم تعد هذه الابواب مجرد معابر للمارة وللسيارات أو واجهات أثرية يصطف أمامها السياح الاجانب لتصويرها والتطلع الى تصاميمها ونقوشها، بل اضحت لها وظائف ثقافية وفنية موسمية وقارة.


ورد في المصادر التاريخية المغربية ان كلمة (باب) كانت تستعمل كلقب للدلالة على التبجيل والاحترام، فقد كتب السلطان المنصور السعدي في بعض رسائله مخاطبا آخرين: أفي باب منصور، أوفي باب أبي فارس..


وقد فسر المؤرخون ان لذلك صلة بالالقاب بالمناطق الصحراوية، حيث كانت تبنى فيها القصور الطينية المعروفة بـ«القصبات»، التي تميزت بأبوابها الخشبية الضخمة، وخاصة تلك التي وصلها جنود السلطان المنصور السعدي في بلاد شنقيط وموريتانيا.


وقد اكتسب العديد من ابواب المغرب العتيقة شهرته ومكانته التاريخية من مواقعه والاحداث التي ارتبطت به، كباب المنصور في مكناس الذي يقع في ساحة الهديم، ويعتبر اكبر ابواب شمال افريقيا فقد بناه المولى عبد الله سنة 1732، ويشرف على ساحة كبيرة شهدت العديد من الاحداث الجسام في الماضي، واصبح باب المنصور حاليا لضخامته ورونقه قبلة لمخرجي الافلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية التاريخية، وقد جسم اخيرا مثيلا لهذا الباب في العاصمة الفرنسية باريس.


في مدينة فاس يوجد العديد من الابواب الاثرية التي ارتبطت بطابع مدينة فاس المعماري، ومن اشهر ابواب المدينة التي تلفت انتباه الزائر «باب الماكينة»، الذي يربط ما بين المدينة القديمة والممرات المؤدية الى المدينة العصرية. وقد بُني هذا الباب في عهد السلطان الحسن الاول العلوي سنة 1886. وفي الماضي كانت ساحة الباب تشهد الاستعراضات العسكرية، وتستقبل الوفود الاجنبية، وقد اكتسبت الساحة اسم «الماكينة» لانها كانت تجاور مصنعا للاسلحة. وامام الباب كان يجتمع رواة القصص التراثية (الحكواتية) للترويح عن اهل فاس، على غرار ما يجري في ساحة جامع الفنا بمراكش. ومنذ منتصف التسعينات اصبحت لباب الماكينة اهمية ثقافية كبرى في مدينة فاس، حيث بات يحتضن سنويا فعاليات مهرجان فاس للموسيقى الروحانية العالمية، فتشدو في ساحة الباب العديد من الفرق الفنية التي تأتي من جميع قارات العالم.


وتعتبر الرباط من اكثر المدن المغربية التي استغلت الابواب الاثرية للترويج للسياحة واقامة الفعاليات الثقافية، وتحول العديد من ابواب المدينة منذ سنوات الى قاعات قارة للعروض الفنية، وخاصة المعارض التشكيلية، واحتضان فعاليات فنية محلية واقليمية ودولية. واخيرا اضحى لباب الاحد، وهو اشهر ابواب المدينة والرابط ما بين المدينة القديمة والحديثة، محطا لانظار المهتمين بالميدان الثقافي والفني، فقد رممت معالم الباب تمهيدا لتحويله الى قاعة للعروض الفنية، كما اصبحت واجهته الخارجية ديكورا ومسرحا لإقامة السهرات والتظاهرات الفنية.
وفي اطار البرامج الثقافية والخاصة بالتعريف بالتراث الحضاري المغربي، دعم العديد من المنظمات الاقليمية والدولية الفعاليات الثقافية التي تعرفها المباني الاثرية في المغرب ومن ضمنها «باب الدباغ» احد المآثر التاريخية المتميزة لمدينة مراكش، فقد قدمت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) اخيرا دعما ماليا لترميم هذا الباب وتزيينه بغية اقامة قاعة للعروض الفنية بداخله.



المصدر :الشرق الأوسط جريدة العرب الدولية بتاريخ الاربعـاء 07 رمضـان 1425 هـ 20 اكتوبر 2004 العدد 9458